الإنترنت جعلني أفعل ذلك

اعثر على الوضوح وسط التصاميم المشوّشة

متى كانت آخر مرة دفعك موقع إلكتروني للاشتراك في شيء ما، كرسالة إخبارية أو خدمة ما، وبدلًا من أن ترى بكل بساطة زر "نعم" و"لا" رأيت شيئًا من هذا القبيل:

The Button Bully

يبدو أن الخيار "نعم" أكثر إغراء بكثير من خيار الرفض التقديري، والذي نصّه "لا شكرًا، لا أحب الطعام اللذيذ".

وهذا يُعرَف بـ"التعبير التوكيدي"، لكن فلنشر إليه بـ الزر بولي، والمقصود منه أن يجعلك تشعر بعدم الارتياح عندما تقول "لا" للدعوة للاشتراك في، أو الانضمام إلى، أو النقر على عرض يُقدَّم لك.

ماذا بشأن آخِر مرّة انتظرتَ فيها موقعًا ما أو تطبيقًا ليُحمِّل، وشاهدتَ شريط تقدم في الكمبيوتر أشبه بهذا:

The Road to Nowhere

للوهلة الأولى ربما اعتقدتَ أنه يريك كم شوطًا قطع التحميل، لكن عند وصول الشريط إلى نهايته، إذا به يبدأ من جديد!

هذا يُدعى بشريط التقدم المزيف، لكن لنطلق عليه الطريق إلى اللا مكان، فهو مجرد صورة متحركة لا تتصل في الواقع بأي شيء يجري وراء الكواليس. أحيانًا يُستَعمل للتغطية على صفحة إنترنت بطيئة، بينما في أوقات أخرى يكون غرضه إبطاءك عن عمد أو تغيير رأيك.

إن الزر بولي والطريق إلى اللا مكان، مجرد مثالين لما يعرف بـ النماذج السوداء.

والنماذج السوداء حِيل مُصمّمة استنادًا إلى علم النفس البشري لدفع الناس، أو التلاعب بهم، وجرّهم إلى التوقيع على شيء ما، أو شراء شيء ما، أو إعطاء معلومات شخصية أكثر مما ظنوا أو قصدوا.

النماذج السوداء الشائعة قد تشمل استخدام ألوان معينة، أو وضع أزرار أو نصوص مبهمة، أو معلومات غير كاملة، وهناك مجتمع كامل لأناس يُكرّسون وقتهم لاكتشاف هذه النماذج السوداء ومشاركتها مع الآخرين.

إذا أردتَ معرفة مزيد، شاهد هذا الفيديو عن النماذج السوداء من هنا.

إغراءات

تُصمّم شركات التكنولوجيا بشكل مطرّد وتستخدم النماذج السوداء، كي تحملنا على اتخاذ هذا القرار أو ذاك. أحيانًا تكون هذه الحيل واضحة، لكن في أحيان أخرى يصعب اكتشافها.

أحد الأمثلة الماكرة، عندما تبحث عن فندق وتشاهد نصًا أحمر يقول "عليه طلب كبير!" (ليس مرة واحدة، بل اثنتين) وأن هذا الفندق قد سبق وانهالت عليه الحجوزات عدة مرات في الأيام الأخيرة، أو نحو ذلك خير لك أن تسرع وتحجز الغرفة لأنها "خالية من أي مخاطر". هذه هي "آخر غرفة متوافرة" وبالمناسبة، هناك ثلاثة أشخاص وضعوها مسبقًا في عربة تسوقهم!

FOMO

لماذا يأتيك فجأة شعور بالاستعجال؟ هل تسارعتْ ضرباتُ قلبك؟ هل سارعتَ بإخراج بطاقتك الائتمانية من محفظتك؟

هذا مثال تقليدي للنموذج الأسود الذي يدعى FOMO أي (خشية الفًقد).

إن سبب استخدام شركات التكنولوجيا هذه الحيل المدبرة، أنّها تعمل، هم يحملوننا على النقر والاشتراك والشراء مرّات أكثر، وأحيانًا عندما لا نكون قد فكرنا مجرد تفكير في ذلك!

وكلما ازداد وعينا بالدوافع وصور التلاعب الماكرة التي يتّبعها الموقع الإلكتروني الذي نستعمله، زادت معرفتنا وعلمنا بهذه الحيل كمستخدمين.

وحالما يُسلط الضوء على النماذج السوداء، يمكنك اكتشافها فورًا، ومن ثمّ لن تسقط في فخ فعل شيء لا تريد فعله.

وللسبب نفسه، لا ترغب في الإيقاع بك للرد على إيميلات غير مرغوب فيها أو احتيالية، أو أن تكون فريسة للنماذج السوداء.

راجع هذا النموذج الأسود الذي يستعمله لينكيد إن لاستيراد قائمة اتصالاتك.

أيها هو؟

هناك كثير من الحيل المدبّرة التي تستخدمها شركات التكنولوجيا لحملك على أن تنقر، وتحوم حول الشيء، وتشتري. لقد غطينا حتى الآن ثلاثًا منها، الطريق إلى اللا مكان، زر بولي، وفومو FOMO، والآن، فلنمتحن معلوماتك لنرى إذا كان بمقدورك أن تعرفها وحدك.

هل يمكنك أن تخمّن اسم كل نموذج أسود؟

أنت تبحث عن رحلات طيران، وبينما تُحمِّل الصفحة، تظهر أمامك دائرة متحركة ملونة تبدو كأنها تدور، على أي شيء يدل هذا؟

فومو

الطريق إلى اللا مكان

تشاهد إعلانًا يطلب منك الاشتراك في رسالة إخبارية لشركة ما، ويُعرَض عليك زرّان: واحد يقول “نعم، أريد إنتاجية أفضل“ والآخر يقول “أحب هدر الوقت“. على أي شيء يدل هذا؟

الزر بولي

إعلانات متنكرة

بينما تتسوق على الإنترنت، ترى رسالة تقول “أسرِع، لم يبق إلا ستة بهذا السعر!“، على أي شيء يدل هذا؟

أسئلة احتيال

فومو

أنت على موقع إلكتروني تبحث عن رابط لتحميل برنامج ما، وإذا بك ترى إعلانًا كبيرًا يقول “حمّل الآن“، فتنقر عليه، لتكتشف أنه إعلان لتحميل منتج مختلف، على أي شيء يدل هذا؟

الطريق إلى اللا مكان

إعلانات متنكرة

عندما تملأ استمارة، ترى خيارات تستعمل لغة غير متّسقة ومشوشة مثل “أرجو ألا ترسلوا لي تفاصيل المنتج والعروض“ يتبعها “يرجى أن ترسلوا لي تفاصيل المنتجات والعروض“، على أي شيء يدل هذا؟

سؤال خادع

الزر بولي

بإمكانك معرفة أنواع أكثر من النماذج السوداء هنا.

ماذا بوسعي أن أفعل؟

قد تتساءل ما الذي بوسعك أن تفعله حيال كل ذلك، الواقع أن شركات التكنولوجيا على خطأ في مسألة النماذج السوداء، والأمر يعود إليها لتغيير ممارساتها. وحاليًا يدرس رجال القانون في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تشريعًا يحظر استخدام النماذج السوداء، لكن هناك عددًا من الأشياء بوسعك أن تفعله لتأكيد حقوقك ومساعدة مجتمعك.

١. تعرَّف إلى النماذج السوداء

أول شيء يمكنك فعله أن تكون واعيًا بالنماذج السوداء، اقرأ عن مختلف الأنواع هنا، واتبع ما يزوّدك به تويتر(https://twitter.com/darkpatterns) أو الهاشتاج كي تواكب المكائد الخادعة الحالية. أخبر أصدقاءك وزملاءك في العمل وأهلك وأولادك، حتى يكونوا جميعًا مُطَّلعين على السر.

٢. التقط وشارك

التقط صورة لشاشة هاتفك في أي وقت تصادف فيه نماذج سوداء على الإنترنت، وشاركها مع مجتمعك (مع حذف أي تفاصيل تُعرِّف بك شخصيًا، فالخصوصية أولًا). إذا نشرتَ تجربتك على وسائل التواصل الاجتماعي، فكر باستعمال الهاشتاج #darkpattern كي يكتشف الآخرون بسهولة منشورك ويتعلموا من تجربتك.

تختلف أوامر التقاط صورة الشاشة تبعًا لجهازك أو نظام التشغيل لديك، لذلك احرص على أن تبحث في دك دك كو DuckDuckGo عن الأمر المناسب لك، بعض أنواع الهواتف تعطيك فرصة مسح الشاشة للأسفل بثلاثة أصابع، على سبيل المثال.

٣. ارفع صوتك

لا يساعد الفعل البسيط "التقط صورة للشاشة وشارك" على إعلام أصدقائك وعائلتك فحسب، لكنه يساعد كذلك على إنشاء نقاش مثمر مع شركة التكنولوجيا مباشرة. أرسل إيميلات، اكتب تغريدات، ودع شركات التكنولوجيا تعرف أنك على علم بما يفعلون، وأنه لا يروق لك. يمكنك أن تطلب إليهم أن يتوقفوا عن هذا الفعل، وعندما تدرك الشركات ما ارتكبته من أخطاء، فهناك فرصة بأنها ربما قد تغيّر ذلك.

٤. كن حاضرًا في اللحظة

يوجد كثير من النماذج السوداء ويجري تطوير غيرها دوريًا، ومن الطرق المفيدة للتعامل مع هذه الحيل، تعوّد التباطؤ والرجوع خطوة إلى الوراء وطرح أسئلة حاسمة. إذا توافرت ساعة للعد التنازلي على صفحة مشتريات، اسأل نفسك "هل هذا حقًا عاجل؟" وإذا وجدتَ نفسك وقد نقرت على زر في الوقت الذي لم تقصد فيه أن تفعل ذلك، فكر بصيغة التعبير المستعمَلة على الأزرار أو الألوان التي استخدمها المصمم. وطالما واصلتَ مشاركتك لخبرتك مع أصدقائك وعائلتك، فإن الدروس التي تتعلمها يمكن أن تساعد الآخرين أيضًا.

٥. اقترع بنقراتك

إذا شعرت أن ردك لم يلق أذنًا مصغية، يوجد شيء ما قوي حقًا بإمكانك أن تفعله: استخدم موقعًا إلكترونيًا أو تطبيقًا مختلفًا، وإذا أذعتَ استياءك من شيء ما، يفعله موقع إلكتروني أو تطبيق ما، ومن ثمَّ توقفتَ فعلًا عن استعماله أو ألغيت تثبيته -وقدر كافٍ من الناس يفعل ذلك- فسوف يلاحظون ذلك.

آخر تحديث في: 25‏/11‏/2020